إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف logo قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
شرح لمعة الاعتقاد
258571 مشاهدة print word pdf
line-top
صور الغلو في الأنبياء والصالحين

وقد خالف في ذلك كثير من هؤلاء الغلاة وأعطوه شيئا من حق الله تعالى، يوجد ذلك كثيرا في نظمهم ونثرهم، ولا يبالون بما ينكر عليهم وأشهر من عرف بشيء من الغلو: البوصيري صاحب البردة؛ فإنه قد وقع في شيء من الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم مثل قوله:
فإن من جودك الدنيـا وضرتهـا
ومن علومك علم اللوح والقلـم
أي: جعل الدنيا والآخرة كلها بملكه، وجعله يعطي منها من يشاء ويمنع منها من يشاء، وهذا مخالف لقول الله تعالى: يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ومخالف لقوله: قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ؛ فجعل الدنيا وضرتها يعني: الآخرة كلها من جوده من جود النبي صلى الله عليه وسلم وجعل من علومه جزءا من علومه علم اللوح، اللوح المحفوظ الذي كتب الله تعالى فيه كل شيء إلى أن تقوم الساعة، كل ذلك جزء من علومه، وهذا أيضا خطأ إنما يعلم ما علمه الله وما أطلعه عليه؛ فلذلك قال: وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ .
فهؤلاء جعلوه يعلم كل شيء يعلم الأمور المغيبة، ويعلم ما في اللوح المحفوظ، وأدى بهم ذلك إلى الغلو فيه وطاعته أو عبادته مثل قوله:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ بـه
سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي
فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
إذا لم تأخذ بيدي وتنجيني؛ فإني قد زلت قدمي، من يأخذ بيدي ومن ينجيني من العذاب إلا أنت، ما لي من ألوذ به سواك وأشباه ذلك.

line-bottom